بقلم: محمد أكرم الندوي
بسم الله الرحمن الرحيم
(يوم الاثنين 18 شوال 1439هـ الموافق لـ 2 يوليو 2018هـ)
استيقظت الساعة الخامسة، وصلى بنا الأخ عمر خان الفجر، فعجبت من وجوده في الغرفة، وقد ودَّعتُه الليلة، فقال: إن حافلته إلى المطار قد تأخرت وسيغادر الساعة الخامسة، فسلمت عليه سلام وداع داعيا له بالانقلاب إلى أهله في أمن وانتفاع، وأويت إلى مقري وجلست أكتب مذكراتي، وشعرت بالرماد والتعب، ولكني ألححت على العمل، فإني أرى أن ابن آدم يجب عليه أن لا يستسلم للتكاسل ولا يستكين للضعف والتواني، وأن يكون قوي الإرادة ماضي العزيمة، دؤوبا على السعي والكد والنشاط والجد، والحمد لله على أنه وفقني لمتابعة عملي وأيدني تأييدا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
المغادرة إلى المطار:
طرقت بنتي سمية باب غرفتي الساعة السابعة لتساعدني في تجهيز أغراضي، وخرجنا للمطار الساعة السابعة والربع تقريبا، وصحبني في الرحلة سمية وزوجها أبو الفرحان، والأخوان عمر رنجون والا ومعز الدين محمد، ووصلنا إلى المطار خلال دقائق، وانتهينا من الإجراءات اللازمة في وقت قصير، والحمد لله على أنا لم نواجه صعوبة ولا تضييقا.
وضع المدارس الإسلامية:
وجلسنا في صالة الانتظار نتحدث عن موضوع التعليم والتربية، وحكى لنا الأخ عمر رنجون والا تجربته في مدرسته التي التحق بها لحفظ القرآن الكريم، ووضعها الاجتماعي الغير الطبيعي، ونظامها القاسي، وتشدد المدرسين على الطلاب وعبوسهم في وجوههم، وسرد كل واحد منا قصصا من المدارس التقليدية لأبناء جالية شبه القارة الهندية مما زادني قناعة بأنها تلعب دورا سلبيا في التعليم والتربية، فالطلاب ينشأون فيها على كراهية الدين وأهله، والبعد عن الإيمان والإسلام، والجهل والغباء، والتوحش والانطواء، وروى لنا أبو الفرحان عن زميل زملائه بذل وقتا غير قليل في بعض المدارس أن ذكرياته الفظيعة المستهجنة عنها بغَّضت إليه هذا الدين ومقَّته إليه تمقيتا، فارتد منه، أعاذنا الله من الحور بعد الكور، وثبتنا على صراطه المستقيم، وتوفانا مسلمين وألحقنا بالصالحين.
إن التعليم في المدارس الإسلامية التقليدية ساقط في مستواه، يتخرج الطلاب، ولم يتدربوا على النظر والتفكير، ولم يألفوا العلم والمعرفة، ولم يفقهوا القرآن والسنة، ولم يأنسوا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يتربوا على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، فلا رفق ولا لين، ولا دعوة ولا تعليم، إلا إكراه الناس على تقاليد ورسوم مبتدعة يحسبونها تدينا، ويترامون بالتكفير والتبديع والتفسيق، ولا يحسنون إلا الخصام والمراء، واختلاق الزور والبهتان، وبث الكراهية في النفوس، ولهم شيوخ فيها متنافية أقوالهم مع أفعالهم، ومتحلون بما ليس من خصالهم، متجارين في حلبة الجدال، ومعرضين عن سنن المصطفين الأخيار، فوقع في نفسي أنه لا بد لنا أن نقوم جادين لإصلاح هذا النظام الذي جنى على الناشئة المسلمة جناية لا تغفر، فالدين إمحاض النصيحة، والإرشاد عنوان الطريقة الصحيحة، والمستشار مؤتمن، والمسترشد بالنصح قمن.
وركبنا الطائرة حوالي الساعة التاسعة متجهين إلى نيويورك، وكنت متعبا فطوَّر أبو الفرحان تذكرتي إلى الدرجة الأولى، ونمت خلال الرحلة واسترحت، وزال عني الإعياء والنصب، والحمد لله رب العالمين، ووصلت الطائرة إلى مطار نيو يورك الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا، واستأجرنا سيارة إلى منزل صاحبنا الدكتور أبي زيد مارين بأسواق نيو يورك وشوارعها ومحلاتها وأبراجها العالية.
نيو يورك:
وكنت قد زرت نيو يورك قبل عدة سنوات لإلقاء دروس ومحاضرات فيها، وهي أكثف مدن الولايات المتحدة سكاناً، وأكبرها مساحة، وأكثرها تأثيراً في التجارة والمال والإعلام والفن والأزياء والعلوم والتكنولوجيا والتعليم والترفيه، وهي عاصمتها الاقتصادية لكثرة الشركات والبنوك العالمية فيها، ويوجد بها مقر الأمم المتحدة، وسوق الأوراق المالية ومؤشر الداو جونز الصناعي، من أشهر أحيائها: مانهاتن، وبرونكس، وبروكلين، وكوينز، وستاتن آيلاند، وبها شارع مشهور يدعى شارع برودواي، تقام فيه العروض المسرحية، وسنترال بارك من أكبر الحدائق العامة في العالم.
شاهدنا مباني نيو يورك القديمة وهي تشبه مباني لندن في عتاقتها وشموخها، ومررنا بجسر بروكلين، وهو جسر معلق فوق نهر إيست، شيِّد سنة 1883م. ويبلغ طوله 486 مترًا، واعتبر أكبر جسر معلق في العالم في ذلك الوقت، وهو مُعَلّق بأسلاك حبلية.
نيو جيرسي:
وصلنا إلى نيو جيرسي حوالي الساعة الثانية والربع، وهي ولاية في المنطقة الشمالية الشرقية، يسكنها المسلمون في عدد كبير، ولهم فيها مساجد كثيرة ومدارس، وفيها من النزاعات المذهبية والخلافات الغير المرضية ما عهدناه في بعض مناطق المملكة المتحدة، لا بارك الله في الشقاق والفتن.
استقبلنا الأخ الدكتور أبو زيد في منزله، وحيتنا أهله السيدة سميراء خان، وهي كذلك من تلميذاتي الذكيات الأصيلات الطاهرات العفيفات، تحفظ القرآن الكريم، وتجيد اللغة العربية، ولعل مستواها في اللغة أفضل من مستوى زوجها، وكلاهما على خير وصلاح، وقد صحبتْه في رحلاته إلي، بارك الله فيهما ونفع بهما، واستعملهما لدينه.
كان الأخ أبو زيد قد جهز لي غرفة، ولبنتي سمية وزوجها غرفة، فحططت رحلي وأويت إلى فراشي، واشتغلت بالكتابة والمطالعة، ونزلت لصلاة الظهر الساعة الثالثة، ولقيت الأخ عثمان خان أخا سميراء خان، وكان قد حضر قديما في دروسي في بوستن، وهو من تلاميذ صديقي الدكتور الأستاذ يحيى ميشو حفظه الله تعالى، وانكفأت بعد الصلاة إلى الغرفة أكتب وأطالع، واسترحت قليلا.
تدريس مقدمة في أصول التفسير:
خرجنا الساعة السادسة والنصف إلى المركز التعليمي الذي نسق فيه الأخ أبو زيد درسي، حضره عدد كبير من العلماء والطلاب من المدن المختلفة، ولقيت هنا صاحبي الأخ سامي، وغيره من تلاميذي، وقدَّمني أبو زيد للحضور وأكثرهم تلاميذه، ورأيت أنهم يعرفونني غيبا لكثرة ما حدثهم أبو زيد عني، فجزاه الله تعالى خيرا.
قد شرحت هذه المقدمة باللغة الإنكليزية شرحا وافيا لم يطبع بعد، ودرستها أكثر من مرة في لندن وغيرها من المدن، وبدأت اليوم الدرس بذكر عظمة القرآن الكريم، وأنه هو الأصل في الهداية، وأنه هو المرجع الذي يجب علينا أن نعتمد عليه، مستغنين عن غيره، فكما أنه لا يجوز لنا أن نشرك بالله أحدا في العبادة، فكذلك لا يجوز لنا أن نشرك بكتابه كتابا، ولن ينتفع به من سوَّى بينه وبين غيره، وما أحسن ما قال المرزباني :
تقول نساء الحي تطمع أن ترى
محاسن ليلى مت بداء المطامع
وكيف ترى ليلى بعين ترى
سواها وما طهرتها بالمدامع
وتلتذ منها بالحديث وقد جرى
حديث سواها في خروق المسامع
أجلك يا ليلى عن العين
أراك بقلب خاشع لك خاضع
ثم كشفت لهم عن أربعة أوصاف للقرآن الكريم: 1- أنه كتاب هدى، لا كتاب هوى، كتاب يهدي الناس إلى ما فيه فلاحهم وسعادتهم، غير مستجيب لأهوائهم وشهواتهم، 2- وأنه كتاب فريد في تكامله وشموله، واستقرار معانيه، وعدم تخالف مضامينه وتعاليمه، 3- وأنه بلسان عربي مبين، تستعمل الكلمات فيه في معناها اللغوي، أو معناها العرفي، أو معناها الشرعي، ولا بد لفهم الكتاب من استئناس أفكاره، وأجلُّها الحنيفية والتولي إلى الله تعالى، 4- وأنه نزل على سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل على أرسطاطاليس، ولا ابن سينا، ولا الفارابي، ولا ابن عربي، وغيرهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي ائتمنه الله في كتابه، فلا يؤخذ إلا منه، رغم أنوف الحاسدين والباغين.
وأكدت أن الغرض من القرآن الكريم ليس بعث الناس على الاستعجاب والدهشة من فصاحته وبلاغته، بل الغرض أن نهتدي به ونعيش حياتنا في ضوء تعاليمه، ولنعلم جيدا أن القرآن لم ينزل ليجعلنا أنبياء، وإنما نزل ليجعلنا أتباعا للأنبياء، ولا ينبغي أن نتقاصر بالقرآن دون هذا الغرض، ولن يتأتى هذا الغرض إلا بالتقوى والتدبر، قال تعالى: “هدى للمتقين”، وقال: “يضل به كثير ويهدي به كثيرا، وما يضل به إلا الفاسقين”، وقال: “وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه لعلكم ترحمون” (الأنعام 155)، وقال: “كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب” (ص 29). قال الحسن البصري: “إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، ولم يتأولوا الأمر من قبل أوله، وقال الله سبحانه وتعالى : كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته، وما تدبروا آياته اتباعه، والله بعلمه، أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفا، وقد والله أسقطه كله، ما يرى له القرآن في حلق، ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نفس، والله ما هؤلاء بالقراء، ولا العلماء، ولا الحكماء، ولا الورعة، متى كانت القراء مثل هذا؟ ! لا كثر الله في الناس مثل هؤلاء.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “أصل السماع الذي أمر الله به هو سماع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم سماع فقه وقبول، ولهذا انقسم الناس فيه أربعة أصناف: صنف معرض ممتنع عن سماعه، وصنف سمع الصوت ولم يفقه المعنى، وصنف فقهه ولكنه لم يقبله، والرابع الذي سمعه سماع فقه وقبول. (الفتاوى 16/8)، وقال: والصنف الرابع الذين سمعوا سماع فقه وقبول فهذا هو السماع المأمور به كما قال تعالى: “وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق”، وقال تعالى: “قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا، يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا”، وقال تعالى”: وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين، قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به. الآيات. وقال تعالى: “إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا، ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ” الآية: وقال تعالى: “إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا”، وقال تعالى: “وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون، وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون”، وقال تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا، وكذلك قوله: “قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى”، ومثله قوله: “هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين”، فالبيان يعم كل من فقهه والهدى والموعظة للمتقين. وقوله: “هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون”، وقوله: “الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين”. (الفتاوى 16/13).
ترجمة الإمام ابن تيمية:
قدمت إليهم ترجمة مختصرة لابن تيمية، ركزت فيه على أنه إمام عالم مجتهد سبق غيره في العلم والفقه والعقل والنظر، ولا أرى بعد خير القرون أحدا يساويه في العقل والنظر إلا ابن سينا، ويفوق هو ابنَ سينا بما أوتي من علم كتاب الله تعالى والسنن والآثار، كما ركزت على ما اتصف به من صلاح وتقوى وصلة بالله تعالى، قال الذهبي: “إنه صار من أكابر العلماء في حياة شيوخه… ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعةَ آلاف كُرَّاسٍ وأكثر، وفسَّر كتاب الله تعالى مدة سنين من صدره أيامَ الجُمَع، وكان يتوقَّد ذكاءً، وسماعاته من الحديث كثيرة، وشيوخه أكثر من مائتي شيخ، ومعرفته بالتفسير إليها المنتهى، وحفظه للحديث ورجاله وصحيحه وسقيمه مما لا يُلحق فيه، وأما نقله للفقه ولمذاهب الصحابة والتابعين، فضلاً عن المذاهب الأربعة، فليس له نظير، وأما معرفتُه بالملل والنِّحَل، والأصول والكلام، فلا أعلم له فيه مثيلاً، ويدري جملةً صالحة من اللغة، وعربيَّتُه قوية جدًّا، وأما معرفته بالتاريخ والسير فعجبٌ عجيب. وقال علم الدين البرزالي: “قلَّ أن سمع شيئًا إلا حفِظه، وكان ذكيًّا كثير المحفوظ، وقال الذهبي: “ما رأيت أشد استحضارًا للمتون وعَزْوِها منه، وكانت السُّنَّة بين عينيه وعلى طرف لسانه، وقال: “كان يتوقَّد ذكاءً”، وقال: “كان آية على الذكاء وسرعة الإدراك”، وقال: “نشأ الشيخ تقي الدين رحمه الله في تصوّن تام وعفاف وتأله وتعبد واقتصاد في الملبس والمأكل، وكان يحضر المدارس والمحافل في صغره ويناظر ويفحم الكبار، ويأتي بما يتحير منه أعيان البلد في العلم”، وقال العلامة كمال الدين بن الزملكاني :”كان إذا سئل عن فن من العلم ظنّ الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن وحكم أن أحدا لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم سواء أكان من علوم الشرع أم غيرها إلا فاق فيه أهله والمنسوبين إليه .” وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: “وبلغني من طريق صحيح عن ابن الزملكاني أنه سئل عن الشيخ، فقال: “لم يُر من خمسمائة أحفظ منه”. وقال ابن القيم : “سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: “إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة”. وقال لي مرة : “ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري إن رحت فهي معي لا تفارقني إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة”، وقال الذهبي :”شيخنا الإمام العالم العلامة الأوحد شيخ الإسلام مفتي الفرق قدوة الأمة أعجوبة الزمان بحر العلوم حبر القرآن تقي الدين سيد العباد أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني رضي الله تعالى عنه …. وهو أكبر من أن ينبه مثلي على نعوته، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت إني ما رأيت بعيني مثله ولا والله ما رأى هو مثل نفسه في العلم”.
المقدمة:
هذه المقدمة من آخر مؤلفاته، فهي عصارة فكره ودليل صلته بكتاب الله تعالى وفقهه له، ولن يستوعبها إلا من اطلع على كتاباته عن القرآن اطلاعا جيدا، ومن أهم ما تحويه: بيان شرط الانتفاع بكتاب الله تعالى، وبيان الأخطاء التي وقعت فيها الطوائف المختلفة في تفاسير القرآن الكريم، أزاح فيها الستار عن علم نفع أمة محمد صلى الله عليه وسلم في الغرب من أوطانهم والمشرق، ورد على الأنام عقولهم ومراشد أمورهم، فجزاه الله تعالى خيرا، وجعل الجنة له مثوى ونزلا.
العشاء:
دعا الأخ أبو زيد نخبة من العلماء والطلاب إلى منزله للعشاء، فتناولنا أنواعا من الطعام شهية، متجاذبين أطراف الحديث، وخائضين في هزل من الكلام والجد، وقد يتوجه إلي بعضهم خلال ذلك بأسئلة ترتبط بموضوع الدرس، وأخرى تباينه مباينة، مع كونها جميعا متشاركة في اقترانها بشؤون الدين العلم، وحذَّرتهم من نبات المبتدعة والمرقة في الغرب نبات الكلأ والحشيش، ونبهتهم على تحريفاتهم الزائغة وتزويراتهم، وتأويلاتهم الباطلة، وجاهرت في غير غموض ولا إشكال أن لبوس الصدق والحق أبهى الملابس الفاخرة، وأن ثواب الدنيا وأجرها دون ما أعد الله لعباده الصادقين في الآخرة، اللهم فقهنا كتابك مدبرين آياته ومهتدين بهداه، وارض عنا رب العالمين.