يا ندوةَ العلماء! خلّف العبءَ عليكِ صريعٌ وولَّى

Reading Time: 2 minutes

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد نادى نعيُّ الندوة بأرفع صوت أن فارسها هوى، وأن جدارها قد تثلم، وأنه يندب العلم والأدب، والمروءة والكرم، وأندِرْ بهذا المفقود، الذي ليس له ند موجود، فاسودَّت علي المناظر، واستكَّت علي المسامع، وفزعت في هذا الخبر بآمالي إلى الكذب والباطل، أحقا يا أبناء الندوة! أن لستُ رائيا فقيد الكتابة والصحافة منذ اليوم إلا توهما.

عمت فواضله فعم مصابه، والناس فيه كلهم مرزوء ومأجور، يا دارَ علم بنهر كومتي! لعمري إنكِ بخليلك الذي ينفعكِ بقاؤه ويضركِ فناؤه لمفجَّعة، وإنكِ بالمولى الذي ليس بمجديكِ كونه ولا ضائركِ فقدانه لممتَّعة، قد ظفر الحزن اليوم بالسرور، وقد أديل مكروهنا من الحبور.

نزل بساحتك كغيث مزن فسقى وغمر، ودفع عنك الأيام فصمد وصبر، عليك أن تندبي الذي عاش لتسعدي، وضحى بنفسه لتخلدي، وليس من العدل أن تشحي على من ليس بالشحيح، ما أزكاه وما أسماه! يثني عليه لسان من لم يوله خيرا، لأنه بالثناء جدير، فالناس مأتمهم عليه واحد، وفي كل دار رنة وزفير.

وكم من أهوال ركبها وحيدا لا يصحبه إلا قلمه الأفلُّ الذي لم تخنه مضاربه، وكان يبني المكرمات لأهلك، وكان يواجه الملمات وهو متبسم، مهذب الأصحاب والتلاميذ، يُسْمعُهم بالصمت رجع جوابه فأبلِغْ به من ناطق لم يحاور، ما كان مفراحًا إذا الخير مسه، ولا كان منانا إذا أنعم، لعمري ما وارى التراب فعاله، ولكنما وارى ثيابا وأعظما، تفرق في الأبرار ما هو جامعه، شيخ الأمانة والديانة، ماجد سمح، في مذهب صمت وحلم راجح وعزم صادق، وخلائق له حرة، وزناد

مجد في يمينه قادح، كالشهاب اللائح، صلوات الله عليه وسلامه.