بقلم: محمد أكرم الندوي
بسم الله الرحمن الرحيم
توفي اليوم (يوم الأحد ثامن عشري رمضان سنة أربعين وأربعمائة وألف) شيخنا المجيز العالم الصالح افتخار الحسن الكاندهلوي مُنزلا الناس درجة، ومعتليا إلى ربه درجات، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنانه.
وهو الشيخ العالم المعمر الرحلة الزاهد المتعبد افتخار الحسن بن الشيخ رؤوف الحسن من أعقاب الشيخ العلامة المفتي إلهي بخش الكاندهلوي أحد الأعلام في القرن الثالث عشر الهجري، رحمهم الله رحمة واسعة.
روى الحديث المسلسل بالأولية عن الشيخ الضرير سعادت خان الديوبندي، عن العلامة المقرئ المسند عبد الرحمن الفاني فتي، عن العلامة المحدث محمد إسحاق الدهلوي، عن جده الإمام عبد العزيز الدهلوي، عن أبيه كوكب الديار الهندية ولي الله أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي، وروى المسلسل بالأولية أيضًا عن الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي، عن العلامة المحدث خليل أحمد السهارنفوي بإسناده المعروف.
وأخذ النصف الأول من صحيح البخاري من الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي، والنصف الثاني منه من الشيخ عبد اللطيف البرقاضوي، وصحيح مسلم والموطأ برواية محمد من الشيخ أسعد الله الرامفوري، وسنن الترمذي والشمائل له وشرح معاني الآثار للطحاوي من عبد الرحمن الكاملفوري، وسنن أبي داود من محمد زكريا الكاندهلوي، وسنن النسائي وسنن ابن ماجه والموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي من عبد الشكور الكاملفوري.
وأجازه الشيخ علاء الدين الفلتي الراوي عن نور الحق الطونكي، وله (ينبغي التحقق ممن يرجع الضمير إليه: علاء الدين أم نور الحق؟) إجازة عن مولانا فضل الرحمن الكنج مراد آبادي.
زرته في منزله في كاندهله يوم السبت خامس عشر رمضان سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف خلال زيارتي لابنه العلامة المحقق نور الحسن راشد الكاندهلوي، وكان طريح فراش، أضناه المرض، وقهره كبر السن، فقرأت عليه السلام واستجزته فأجازني إجازة عامة، ولله الحمد، وسمعت منه المسلسل بالأولية، وسألته الدعاء لي، فدعا لي بكلمات صالحات أرجو نفعها وبركتها.
وهو خاتمة من روى الحديث المسلسل بالأولية عاليا في الهند، ولا أعلم أحدا بقي بعده يرويه بمثل إسناده، ويا له من شرف خص به، ويا له من مجد باذخ تمكن منه، وإن صحت رواية شيخه علاء الدين عن مولانا فضل الرحمن، فذاك من أعلى الأسانيد، ولعل شيخنا عبد الرحمن الكتاني هو آخر من يساويه في هذا العلو فإنه يروي عن محمد عبد الباقي الأيوبي عن مولانا فضل الرحمن الكنج مراد آبادي.
عرف الشيخ افتخار الحسن رحمه الله بصلاحه وتقواه وسداد أمره، وهو مسك الختام في سلسلة مشايخ كاندهلة ممن يرجع إليه في علمه ورأيه، قضى حياته سالكا المسلك النهج من البر والتقى، غير مغرور بالدنيا والملاهي، ولا راكبا الغي والضلال، مكثرا من ذكر الله، صابرا على نوب الزمان وريبه، مسارعا إلى طاعة تعطي جنان الخلد، متماديا في شغله، جافيا الراحة والتنعم، هادئ الطبع ساكنا، ومستقيم السيرة، أدر الله عليه شآبيب رحمته.
وابنه شيخنا نور الحسن الكاندهلوي عالم جليل ومحقق باحث فطن، مقدم في نيل المعالي، ومشيد للمفاخر، بارك الله في حياته وأعماله.