بقلم: محمد أكرم الندوي
بسم الله الرحمن الرحيم
اتصل بي صديقي الكريم فضيلة الشيخ رضاء الحق مدير جامعة الهدى بنوتنجهام الأسبوع الماضي شاكيا أني لم أزره منذ فترة طويلة، فقدمت عذري من أشغال التدريس والتأليف والرحلات، وتحدثنا عن أمور أهمته، وفاجأني بأن في مدينته عالما كبير السن من تلامذة العلامة المفتي كفاية الله الدهلوي رحمه الله تعالى، فكأني طرت فرحا بسماع هذا الخبر السار، وقلت له: الآن ستراني أزورك عاجلا، وذكّرته مرارا أن يأخذ لنا موعدا مع الشيخ، وبذل سعيه حتى حصل المطلوب، وأخبرت بذلك أخانا العزيز زيد الإسلام، وقررنا أن نزور الشيخ معا.
فخرجنا (كاتب هذه السطور، والشيخ ظهور أحمد الحسيني، والأخ زيد الإسلام، والمهندس أشرف يعقوب، وسائقنا الأخ أنور) ظهر اليوم (26 من ذي القعدة سنة 1440هـ) في سيارة من أوكسفورد إلى نوتنجهام، وتحدثنا في الطريق عن الحديث والإسناد والإجازات، وحاول زيد أن يتصل بشيخنا المعمر عبد الرحمن الكتاني، ولكن لم ينجح، وجرى ذكر إخواننا المسندين الشيخ أحمد عاشور، والشيخ محمد زياد التكلة، والشيخ عبد الله التوم، والشيخ عمر النشوقاتي، وأثنينا عليهم خيرا، وذكرنا تقدمهم على غيرهم في المعرفة والعدالة والضبط والإتقان.
واتصل زيد بالأخ الكريم عبد الله التوم، فحييناه وتبادلنا الاستفسار عن أحوالنا، وسألته عن ترتيبه للرحلة إلى الهند في الشهر القادم، فأفادنا بسعيه لطلب التأشيرة، وأنه يرجو أن يرافقنا في هذه الرحلة العلمية إن شاء الله تعالى.
وحدثني زيد عن تواجد شيخنا المسند نظام اليعقوبي والأخ خالد السباعي الأسبوع الماضي في لندن، ولكنه لم يتمكن من لقائهما.
منزل الشيخ رضاء الحق:
وصلنا إلى المسجد المدني بنوتنجهام في الساعة الثالثة إلا الربع، وكان الشيخ رضاء الحق في انتظارنا مع أهله وأصحابه، وقرأنا السلام على الجماعة وتعانقنا، وسررتُ بوجود الشيخ محمد زياد التكلة الذي انضم إلينا من مدينة دربي ليشاركنا في لقاء الشيخ والاستجازة منه.
صلينا الظهر في المسجد، ثم صحبنا الشيخ رضاء الحق إلى بيته حيث قدم إلينا غداء حافلا، فيه فواكه، والخضار، ولحم الدجاج، ولحم الشاة، والخبز، والرز، وبعض الحلويات، تناولنا الغداء متجاذبين أطراف الحديث، وقص علينا الشيخ تاريخ إنشاء جامعة الهدى وتطورها، وكيف سعى لاستدعاء شيخنا أبي الحسن علي الندوي رحمه الله لافتتاحها سنة 1997م، وتجددت لي تلك الذكريات القديمة إذ كنت أحضر الجامعة بصورة منتظمة للمشاركة في صياغة مقرراتها الدراسية ونظامها التعليمي، وتدريب معلماتها، وتدريس بعض المواد.
مجلس إجازة:
لما بلغ معلمات جامعة الهدى وجودنا هنا رغبن في استجازتنا، فحضرن بأولادهن، وبدأ الشيخ محمد زياد التكلة بقراءة المسلسل بالأولية بإسناده، وذكر أنه يرويه عن أكثر من مائة شيخ، وأن له سماعا لصحيح البخاري من أكثر من ثلاثين شيخا، وأسمع الحضور حديث النية من الصحيح، وأجاز الحضور، ثم أسمعت أنا حديث الرحمة المسلسل بالأولية، وذكرت نبذة من ترجمة الشيخ زياد، وأجزت الجميع أصالة مني، ووكالة عن الشيخ محمد فاتح الكتاني، والشيخ قاسم البحر، وسألت الشيخ زياد أن يجيز أيضًا نيابة عن الشيوخ الذين وكلوه، فتفضل بالإجابة، وذكر من بينهم الشيخ عبد الرحمن الكتاني، والشيخ عبد الوكيل الهاشمي، والشيخ محمد خبزة، وسألت الشيخ ظهور أحمد الحسيني والأخ زيدا أن يجيزا الحضور ففعلا، والحمد لله رب العالمين.
أسماء الحضور: فضيلة الشيخ محمد رضاء الحق بن منظور عالم بن محمد إبراهيم، والشيخ محمد عمار بن محمد سجاد بن جهانداد (صهر الشيخ رضاء الحق)، والأستاذة مهى بنت عمر بن إبراهيم أبو طه (أهل الشيخ رضاء الحق)، وأسامة، وعلي، وعمر، والأستاذة صفية، وهبة أولاد الشيخ رضاء الحق، وسامية بنت محفوظ بن غلام رسول، وكاشف بن نديم بن أنوار، وشهناز بنت غلام رسول بن ضياء الله، وسبيقة وصبورة وصديقة بنات تنوير بن محمد صديق، ومحمد زيد ونسيبة ولدا عمار بن سجاد، وفاطمة ورابعة بنتا علي بن رضاء الحق، ومحمد رضاء بن أسامة بن رضاء الحق.
مجلس مع الشيخ محمد كريم الله:
وزرنا الشيخ محمد كريم الله في منزله بعد الساعة الخامسة، ولما رأيته عرفته وعرفني، فقد لقيته مرارا في مناسبات مختلفة، ولكني كنت قد نسيت اسمه، فسلمنا على الشيخ، وأهديت إليه جزأين من شرح صحيح البخاري لشيخنا محمد يونس الجونفوري رحمه الله تعالى، ثم سألت الشيخ عن ترجمته، فأملى علي:
فهو الشيخ محمد كريم الله خان بن القاضي رحمة الله السواتي، وكان أبوه الشيخ رحمة الله عالما كبيرا من خريجي جامعة مظاهر العلوم بسهارنفور.
ولد الشيخ في التاسع والعشرين من شهر أغسطس سنة تسع وعشرين وتسعمائة وألف (على ما هو مسجل في جوازه)، وأخذ العلم عن أبيه، ثم التحق بالمدرسة الصديقية في دهلي، ودرس أخيرا في المدرسة الأمينية بدهلي، وتخرج منها.
سمع على المفتي كفاية الله تفسير الجلالين وصحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (وينبغي أن يبحث هل أخذها جميعا عن المفتي أو أخذ بعضها عن غيره من شيوخ المدرسة؟)، وكان الشيخ حسين أحمد المدني يلقي دروسا عليهم إذا زار دهلي، وحصلت له الإجازة العامة من الشيخين (أي المفتي كفاية الله الدهلوي، والشيخ حسين أحمد المدني).
وذكر أنه حضر دروس المفتي محمد شفيع الديوبندي في كراتشي، والشيخ عبيد الرحمن السواتي، والشيخ شمس الرحمن السواتي، والشيخ حميد الرحمن الديوبندي، والشيخ خليل الرحمن الديوبندي، والشيخ فضل أحمد، ولكن لا يحفظ تفاصيل ما سمع عليهم، ولا يتذكر إجازة منهم.
سماع وإجازة:
وسمعنا عليه المسلسل بالأولية، وأوائل الكتب الستة والموطأ بروايتي يحيى ومحمد بقراءة الشيخ محمد زياد، وسألت الشيخ أن يجيزنا، فحمد الله وأثنى عليه، وقرأ آيات من كتاب الله تعالى، وألقى علينا نصائح، وأجازنا جميعا إجازة عامة.
وأجاز على استدعاء أعده الشيخ زياد، وعلى استدعائين أحضرتهما أنا: أحدهما استدعاء الأخ تركي الفضلي، والآخر استدعاء أوكسفورد الجامع، ووقع على الاستدعاءات الثلاثة، ثم سأله الشيخ زياد أن يدعو لنا، فدعا بدعوات جامعة، وجزاه الله خيرا.
في منزل الشيخ رضاء الحق:
ورجعنا إلى منزل الشيخ رضاء الحق، وقدم إلينا بعض المآكل، وتناولنا الشاي، وتمتعنا بأحاديث علمية وفكرية ودعوية، وأجبت عن بعض الأسئلة، وكان من أهمها أسئلة حديثية وجهها إلي الأخ العالم كاشف من أقرباء الشيخ رضاء الحق، تتعلق بالرواة الضعاف في الصحيحين، وأحاديث أبي الزبير عن جابر في صحيح مسلم، ورواية الشيخين عن أهل البدعة وبعض المتهمين.
كما سألني بعضهم عن حديث عمر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وحين بنى عليها.
كلمة في المسجد:
صلينا العصر في الساعة السابعة في المسجد المدني، وألقى الشيخ زياد بعد الصلاة كلمة قصيرة على الحضور، ثم ألقيت كذلك كلمة قصيرة، وختمت المجلس بدعوة جامعة، وصافحنا المصلون وعانقونا شاكرين.
خروج من نوتنجهام:
واستأذنا الشيخ رضاء الحق وأصحابه، وعاد الشيخ محمد زياد إلى دربي، ورجعنا نحن الجماعة إلى أوكسفورد، وحمدنا الله تعالى على هذه الرحلة المباركة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.