بقلم: محمد أكرم الندوي
بسم الله الرحمن الرحيم
(تعزية إلى شيخنا الجليل العلامة الشريف محمد الرابع الحسني الندوي على وفاة شقيقه شيخنا محمد واضح رشيد الندوي رحمه الله يوم الأربعاء 16 يناير 2019)
حدثٌ نابَك مصمئلّ، جلَّ حتى دق فيه الأجل، صمدت له صمودا عظيما، وثبتَّ فيه ثباتا كريما، ارتاع الخلق وفزعوا، وبلغ منهم الذعر كل مبلغ وجزعوا، وتشبثْتَ من العزاء بخلق متين، واستمسكْتَ من الصبر بسبب حصين.
أحْرِ بك أن تبكي شقيقك، ابن أمك وابن أبيك، أخاك وأبا ذويك، وأخْلِقْ بك أن تندب يمناك ويسراك، وأليفك البار بك في مبيتك ومسراك، وأخا الثقة المسامر في سرك ونجواك، وحُقَّ لك أن تنحب الجبل الذي تلوذ بظله، والجناح الذي تتحرك به، لم تشدا رحلا أو أزجيتما أنضاء، ولم تحطا رحلا أو أنختما مناخا، إلا وتلبسان المجد والعفاف أحسن لبسة، وتكتسيان من الطهر والصفاء أزكى اكتساء.
أنتما الخليلان الأديبان، والقِرنان الرفيقان، رضِيَّا الاختبار والانتخاب، وعُدَّتا الهموم والأحزان، متقربان من الشاسع بالوداد، ومواصلان للمجانب المِبْعاد، ومنقادان طوعا متوافقان، أعطى كل واحد منكما صاحبه مكنون التصافي وخالص الود والوفاء، وهل يعرف الأديب إلا الأديب، وهل يأنس إلى الخليل إلا الخليل.
حسب الخليلين نأي الأرض بينهما، هذا عليها ماش، وهذا تحتها هادئ، ما لعيشك بعده لذة ولا لحبيب بهجة بحبيب، ما وجدك عليه بهين، ولا الصبر إن أعطيتَه بجميل، ولمن تقول إذا نزلت ملمة أو ألمت كارثة: أرني برأيك وأجِل لي بفكرك؟ أم إلى من تتحصن وبمن تحتمي احتماء؟ والأكرمان ذوا ود وصفاء مهما نأت بهما الأسباب أو تقطعت بهما الحبال.
أرى الغرب طويل الليل منذ نُعي الأبيض الوضاح، العف الشمائل والطيب الأخبار، غير موروث الخلائق والشمائل، فكيف ليلُ الشقيق وليل البيت المعمور في رائي بريلي ولكنؤ؟ ولو أن الجبال فقدن إلفا لأوشك جامد منها يذوب، ولو أن القاسي المتحجر نعي إليه صَفيه لعاد حزينا وهو كئيب.