بقلم: محمد أكرم الندوي
محور جهود شيخنا العلامة الدكتور محمد مصطفى الأعظمي (ت 1439/2018م) الرد على دسائس المستشرقين والعلماء المسيحيين، والكشف عن تحريفاتهم، وبيان مكامن الضعف في أدلتهم وتحقيقاتهم، دافع عن مكانة القرآن الكريم وتاريخه، وعظمة الحديث وحجيته دفاعا قويا، وتبع في كفاحه العلمي والتحقيقي المنهج الأكاديمي السائد لدى علماء الغرب وباحثيه. من أشهر مؤلفاته: دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، ودراسة نقدية لكتاب أصول الشريعة المحمّدية للمستشرق جوزف شاخت.
استثار المستشرقون شبهات حول مصادر هذا الدين، وحاولوا تشويه الحقائق باسم الدراسة والبحث، وأكبر هؤلاء المستشرقين بعد جولد زيهر هو جوزف شاخت، نال كتابان له انتشارا واسعا في دوائر المستشرقين وأذنابهم المتغربين، أحدهما (أصول الشريعة المحمّدية) 1950، والثاني (تعريف بالشريعة الإسلامية) 1964م، ومن أوهامه أن المذاهب الفقهية تولدت في القرن الثاني صائغة عادات مجتمعاتها وسننها الجاهلية في صورة الشريعة والقانون، وبرزت كرد فعل لهذه المذاهب الفقهية جماعة مناوئة عارضت تلك العادات والسنن، واخترعت أحاديث باطلة عن الأحكام والشرائع ونسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم تستطع المذاهب الفقهية مقاومة هذا الاتجاه الجديد وشعرت بقوة خصومها، فاخترعت أحاديث لكل مسألة من مسائل الفقه لتحافظ على وجودها، ودأب العلماء في القرنين الثاني والثالث على أن ينسبوا آراءهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم تضخمت هذه الكمية الهائلة من الفقه والحديث والتي يراها المسلمون مقدسة، واختلق الفقهاء والمحدثون نظام الإسناد ليصبغوا آراءهم بصبغة دينية مفترين رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
درس الأعظمي افتراضات شاخت دراسة واعية، وألف نقدا لكتابه علميا محققا ظهر سنة 1985، رد فيه على نظرية شاخت المضللة المتهاوية المموهة عن مصادر الفقه الإسلامي، وأثبت أن المصدر الحقيقي للفقه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأوضح أن الحديث مداره على الأسانيد وطرق الرواية، وأن المحدثين قاموا بخدمات جليلة في حفظ الأسانيد وبحثها وتحقيقها، لا يوجد لها مثال في دين ولا حضارة، وإنه عملية للتوثق من الأحداث التاريخية يجب أن ينظر إليها بعين الاحترام، وأن تعتز بها البشرية جمعاء.