بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: بيِّن لنا سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قلت: إن بيان سيرته تضيق عنه المجلدات، فهو أفضل المرسلين، وخاتم النبيين، ومتلقي الكتاب المبين، أوتي عقلا تاما، ورأيا صائبا، وقلبا تقيا، وعملا صالحا، وعبودية كاملة، وهو من المصطفين الأخيار، والمجتبين الأبرار، وأولي الأيدي والأبصار، وهو عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، وهو دعاء إبراهيم عليه السلام بعثه الله تاليا لآياته معلِّما للأحكام والحِكَم مزكيا مطهرا، وبشارة موسى وعيسى، وقدَّمه آدم دليلا على صدق خلافته. قالوا: قد عرفنا ما قلت غير منكرين منه شيئا إلا قولتك الأخيرة إذ جعلته…
View More من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم: إدراكه لحدهالتصنيف: التاريخ
وعجلت إليك رب لترضى
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: علمنا حبك لإبراهيم عليه السلام وإجلالك له، ووعينا المعاني الباعثة لك على كل هذا الحب والإجلال، فقد أسهبت في ذكره والتنويه بشأنه في محاضراتك ودروسك وكتاباتك، ولكن لم يتبين لنا مأتى ولعك بموسى عليه السلام وإعظامك له توقيرا واحتراما. قلت: إني لمغرم بسائر الأنبياء والمرسلين متيم بهم، ولا سيما أولي العزم منهم الذين هم صفوة خلق الله وأحبهم إليه، وهم الأئمة الذين يقتفى آثارهم وينهج نهجهم، وسأكتب مقالات عن بعضهم إشادة بفضلهم واسترعاء للانتباه إلى جوانب من حياتهم تستحق الانتباه فنتأسى بهم، ونقتدي بهداهم. قالوا: ابدأ لنا بموسى عليه السلام مسلطا…
View More وعجلت إليك رب لترضىمن علَّمك الحلم؟
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: ما معنى الحلم؟ قلت: هو الهدوء والتأنّى وضبط النفس عند بواعث الغضب والاستفزاز، وهو الإحجام عن سبِّ اللئام والأنذال تنزُّها، والكف عن الانتقام من الخِساس والأوغاد ترفُّعا، والحلم عن قدرة سهم من السخاء والكرم، ونصيب من السماحة والندى. ولَلحلمُ خير مغبةً ومصيرا، وأحسن عقبى ومآلا، وكنز لا ينفد على البذل والإنفاق، وذخيرة لا يُضرب لها بالإعدام والإملاق، وهو ظل تجلي صفة الرحمن، وصفوة خصال الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، وجُنَّة من مكايد الشيطان، وعصمة من هجمات النفس وطيش الطائشين ورعونة المتهورين الجاهلين. قالوا: نعت الله تعالى إسماعيل عليه السلام بالحلم “فبشرناه…
View More من علَّمك الحلم؟الكُلِّيُّ
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: ما معنى الكُلّ؟ قلت: هو اسم لمُركَّب من أجزاء. قالوا: وما معنى الجزء؟ قلت: هو كل ما يتركب الشيء منه ومن غيره، فكل فرد من أفراد الكل جزء له. قالوا: اشرحهما لنا بمثال: قلت: صحيح البخاري مثلاً مركب من كتب الإيمان والعلم والطهارة والصلاة وهلم جرا، فصحيح البخاري كلٌّ، وكتبه أجزاؤه. قالوا: وهل يكون الجزء كُلاًّ بالنسبة إلى أجزائه؟ قلت: نعم فكتاب الإيمان من صحيح البخاري كُلٌّ، وأبواب كتاب الإيمان أجزاؤه. كذلك صحيح البخاري جزء بالنسبة للأصول الستة، فالكل والجزء في عامة أشكالهما أمران إضافيان. قالوا: وما معنى الكُلِّي؟ قلت: هو…
View More الكُلِّيُّشقاق الإخوة المؤمنين
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحي قالوا: قد غلا عصرنا بفتن دهماء كقطع الليل المظلم، هائجة مائجة كأمواج البحر المحيط القاتم، استغلقت بها أمورُنا استغلاقا، وغُمَّت علينا مراشدها واستعجمت استعجاما، لا نهتدي سبيلا، ولا نستنير طريقا فماذا نفعل؟ قلت: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولا أراني فيها أهدى منكم ولا أشد بصيرة ونباهة، فهي من الفتن التي تدع الحليم حيران، والعاقل معتوها، والعالم جاهلا، والمؤمن مسلوب الإرادة والاستقامة، كرَّت علينا مآزقُ لا يوسى كلمُها ولا يرفع وهيُها، وشرُّ ما رام امرؤٌ ما لم ينل، قالوا: ومما زاد الطين بلة أنها شقَّت عصا المؤمنين، ذاهبين شذر مذر، وفرقتهم…
View More شقاق الإخوة المؤمنينمناجاة الله تعالى
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: تحثنا على مناجاة ربنا مستثيرا فينا شوقا إليها ولهفا، وتحببها إلينا تحبيبا، فهل أنت من المناجين له والفزعين إليه الوالهين؟ أم أنت من الواعظين الثرثارين الذين يقولون ما لا يفعلون؟ قلت: أنكرت سؤالكم مستهجنا له استهجانا؟ وكيف لا أناجيه، وهو أكرم من يناجى، وأرجى من ينادى، وكانت مناجاته طعاما لنا وزادا، وشفاء من كل داء وسدادا، ومناجاته ألذ ما يشتهى وأحلاه، وأزكى ما يستطاب وأصفاه، ومناجاته دأب العابدين الخاشعين، ومطمح الزاهدين القانتين، عليه مقبلين غير مالِّين، معتصمين به مستجيرين، وكل إليه منقلبه، وهو مراده ومطلبه. قالوا: فما الذي تناجيه به؟ قلت:…
View More مناجاة الله تعالىالعبادة
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: ما هي أفدح أرزاء البشرية؟ قلت: إن رُزْءها الفادح وخَطْبها المُدلهِمَّ الذي أصابها بكل سوء، وألحقها كل ضرر ومكروه، ودهاها في دقاق شؤونها وجلالها هو تلبيسها بين المراحل والآماد، والوسائل والغايات، قالوا: أليس من التلبيس والتخليط أن تَعْرِض لطامَّتنا الكبرى مُرخيا عنان حشوك دون إفصاح وبيان؟ قلت: إن المال وسيلة من وسائل السعادة، ولكن الناس يرون كسبه وحِيازته سعادة، بل لا معنى لها عند الجماهير إلا الطَّول وميسور الغنى، والديمقراطية مجاز إلى حكم صالح، وتعد اليوم فضيلة تسعى إليها الشعوب والأمم، والميزان الذي به يُقَدَّر فلاحها وخسرانها؟ والمساواة ذريعة إلى العدل،…
View More العبادةفي جوار الله تعالى
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: ما أقصى غايتك، وما أشرفُ ما تتطلع إليه وما أعز ما تبتغيه ساعيًا إليه في كفاحٍ وجِدٍّ دون تباطؤٍ وتوانٍ، وسائلاً ربَّك إياه في ابتهال وتضرع وخشوع؟ قلت: أن أُزحزَح عن النار وأُدخَل الجنة، قالوا: سقطتَ في أعيننا صغيرًا هيّنًا، قلت: وهل يُهِمُّني إلا أن أفوز، ساقطًا في أعينكم أو مرتفعًا، صغيرا أو كبيرا، هيِّنًا أو كريمًا، وما لكم استصغرتم أمنيتي مستخِفًّا بشأنها مستهينًا؟ قالوا: غيرُك يَزْهد في مثلها، طامحا إلى مطلب أعلى ومُراد أنبل وَلوعًا به شَغوفا. قلت: استغربتُ ممن لا يُخيفه عذابُ النار، ولا يَبغي الجنة مُقامًا، قالوا: روي…
View More في جوار الله تعالىمعنى الإجازة
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: نراك محتفيًا بالاستجازة من الشيوخ مشافهة ومكاتبة احتفاءًا عظيمًا، ومُحلاًّ إياها موضع إجلال واعتبار بالغين، منهومًا بها غير شبعان، فما غناء هذه الإجازات التي اقتنيتَها واعتلقتَها مفتتناً بها افتتان الناس بالذهب والفضة والأحجار الكريمة وسائر ما يسمى بالهوايات؟ قلت: يعتمد بلوغُ قيمتها على استيعاب مدلول السند ومغزاه. قالوا: فما هو السند؟ قلت: العلم إما نظر أو خبر، فإن كان من نظرك أي مما طوَّرتَه واستنبطتَه أنت باستخدامك حواسِّك وعقلك، فإنك تحتاج إلى أن تُثبته وتقرِّره بدليله، وإن كنتَ تلقَّنْتَه من غيرك ممن طوّره واستنبطَه، فإنك تحتاج إلى أمرين: الإحالة على مصدره،…
View More معنى الإجازةتغطية المرأة رأسها
بقلم: محمد أكرم الندوي بسم الله الرحمن الرحيم قالوا: لا يجب على المرأة في الإسلام أن تُغطِّي رأسها في الصلاة ولا أمام الأجانب، قلت: أَهَزَلا في موضع جِدٍّ، أم أنتم لكل حُوشِيٍّ آبِد مُقتنصون، أو لمستهجن الرأي ومرذوله لاقِطون، أو لِمَا يُمْلَى عليكم من منكر من القول وزُوْر متلقِّفون؟ قالوا: لعلَّه جرى بعض ذلك، فكُن لنا على الحق عَونا، قلت: ألَم تقرأوا قول الله تعالى؟ “وَلْيضربن بخُمُرهن على جُيوبِهن”؟ قالوا: إنَّما وردت الآية تأمر النِّساء أن يسترن صُدورَهن، قلت: بل إن الآية تَنُصُّ على قضيتين مجلِّيَةً لهما تجلية في غير تَعْمِيَة ولا تَعقيد إن كنتم لِصريح الحق وناصع البيان وَاعِين،…
View More تغطية المرأة رأسها